قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه بعد تسجيل معدلات نمو قوية خلال العام الماضي، يتجه النشاط الاقتصادي في كل من عمان والبحرين وقطر للنمو بوتيرة معتدلة في 2023 وذلك على خلفية التوقعات بانخفاض الإيرادات الهيدروكربونية وتباطؤ وتيرة النشاط غير النفطي، وإن كان بمستويات مقبولة بالنسبة للبحرين وقطر، مع بدء تلاشي الآثار الإيجابية الناجمة عن انتعاش ما بعد الجائحة وكأس العالم لكرة القدم (قطر)، كما سيساهم ارتفاع أسعار الفائدة وتقييد النفقات في الحد من النمو غير النفطي.
وفي المقابل، من المتوقع أن تتراجع أوضاع المالية العامة هامشيا خلال فترة التوقع بعد تحسنها بشكل ملحوظ في عام 2022، وتتمثل العوامل الإيجابية التي تدعم النمو الاقتصادي في تحسن توقعات الركود العالمي بوتيرة أفضل مما كان متوقعا في السابق والانعكاسات الإيجابية للطلب على النفط والغاز وارتفاع أسعارهما، في حين تشمل التحديات المتوقعة على آفاق النمو حدوث ركود حاد وتصاعد التحديات الجيوسياسية، أو تأخير الاستثمارات والإصلاحات الرئيسية.
معدلات نمو جيدة بالبحرين
سجل الاقتصاد البحريني نموا بنسبة 4.9% في عام 2022 بدعم من ارتفاع أسعار النفط والألمنيوم وانتعاش القطاعات المرتبطة بتقديم خدمات الضيافة، مع توقع تراجع وتيرة النمو هذا العام 2.6% والعام القادم إلى 3.2%. وقد يشهد إنتاج النفط والغاز – الذي يعادل الآن أقل من خمس الناتج المحلي الإجمالي – المزيد من الركود في عام 2023 (-0.5%) في ظل إبقاء الأوپيك وحلفائها على حصص الإنتاج دون تغيير. وفي ذات الوقت، من المتوقع أن يشهد نشاط القطاع غير النفطي، الذي ارتفع بنسبة 6.2% العام الماضي نتيجة للأداء القوي الذي شهده خلال النصف الأول من العام، المزيد من النمو وإن كان بوتيرة أكثر اعتدالا على خلفية التزام الحكومة بخطة التعافي الاقتصادي البالغ قيمتها 30 مليار دولار، والتي تركز على تنمية القطاعات الحيوية مثل الضيافة والخدمات المالية وإطلاق المشاريع الاستراتيجية. ومن المقرر أن تستفيد البحرين أيضا من التحول الاقتصادي الذي تشهده السعودية، إذ أعلن صندوق الثروة السيادية السعودي عن خطط للاستثمار في القطاعات الرئيسية في البحرين، بينما نرى أيضا انعكاسات إيجابية غير مباشرة على التجارة نتيجة للنمو القوي الذي تشهده السعودية. وتشير التوقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنحو 3.1% سنويا في عامي 2023-2024. وفي ذات الوقت، قد ينخفض معدل التضخم إلى 1.8% في المتوسط في عام 2023 مع تراجع تأثير مضاعفة ضريبة القيمة المضافة العام الماضي إلى 10%.
الإصلاحات الاقتصادية في عُمان
بعد الأداء القوي الذي شهده الاقتصاد العماني في عام 2022 (+4.3%)، من المتوقع أن يتراجع معدل النمو في عام 2023 (+0.8%)، في ظل انتعاش القطاع غير النفطي ليحل محل القطاع النفطي كالمحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. وعلى الرغم من صغر حجم الإنتاج النفطي نسبيا في عمان إلا أنها انضمت للدول التي ستقوم بخفض معدلات الإنتاج بصورة طوعية وفقا لما أعلنته الأوپيك وحلفاؤها في مارس الماضي، وسيساهم ذلك في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 3.3% هذا العام. وفي ذات الوقت، تراجع النمو غير النفطي إلى 1.6% في عام 2022 متأثرا بانخفاض نمو قطاع البناء والتشييد بنسبة 23% (10% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي). وباستثناء ذلك، شهد النمو غير النفطي تحسنا قويا بنسبة +5%. وفي ظل عدم تسجيل انخفاض مماثل في قطاع البناء هذا العام، من المتوقع أن يزداد النمو غير النفطي، وذلك على خلفية تحسن أداء قطاعي التصنيع والسياحة (بفضل الأهداف المحددة ضمن الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2040) وذلك على الرغم من الرياح المعاكسة الناجمة عن ضعف النمو العالمي وانخفاض أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة.
وساهم ارتفاع أسعار النفط وإنتاج المواد الهيدروكربونية في تمكين الحكومة من تحقيق أول فائض مالي لها منذ نحو عشر سنوات في عام 2022 – إلا أن تقليص النفقات لايزال من المسائل الجوهرية التي يجب معالجتها. وتستهدف الموازنة خفض الإنفاق بنسبة 6% في عام 2023، وإن كان يبدو أن بعض بنود الإنفاق الاستثماري في قطاعي النفط والغاز قد تعدت المبالغ المحددة ضمن الموازنة. إلا أنه في ظل إمكانية تخطي أسعار النفط للقيمة المفترضة في الموازنة البالغة 55 دولارا للبرميل، تشير الترجيحات إلى أن هناك مجالا لزيادة الإنفاق هذا العام بمقدار قليل مع الحد من تدهور الميزان المالي.
تراجع النمو في قطر
نما الاقتصاد القطري بنسبة 4.8% في عام 2022 بدعم من التعافي القوي البالغ نسبته 6.8% والذي شهده القطاع غير النفطي على خلفية استضافة فعاليات كأس العالم لكرة القدم في الربع الرابع من العام. إذ اجتذب هذا الحدث نحو 1.2 مليون زائر، مما أدى لنمو الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الضيافة بمعدل كبير بلغت نسبته 65% على أساس سنوي في الربع الرابع. وتشير التوقعات إلى أن تتباطأ وتيرة النمو غير النفطي هذا العام مع تلاشي تأثيرات استضافة كأس العالم، وتقليص النفقات الرأسمالية الحكومية (نفقات رأسمالية أقل بنسبة -12%)، وأيضا مع تأثير ارتفاع أسعار الفائدة سلبا على الطلب على الائتمان. أما على الصعيد الإيجابي، فقد ازدادت أعداد الزائرين بوتيرة أعلى من المتوسط حتى الآن هذا العام، كما قد يساهم رفع مخصصات الأجور في الموازنة بنسبة 7% في تعزيز الاستهلاك. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر دخول قراءة مؤشر مديري المشتريات إلى منطقة النمو في مارس (53.8) من الأمور الإيجابية، وذلك بعد الضعف غير المبرر الذي شهده على مدار العام الماضي. وعلى الصعيد المالي، من المتوقع أن ينخفض الفائض الكبير الذي تم تسجيله العام الماضي والبالغ نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي على خلفية ارتفاع إيرادات الغاز الطبيعي المسال والإيرادات غير النفطية هامشيا خلال فترة التوقعات إلى نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. (يتم بيع معظم إنتاج الغاز القطري وفقا لعقود طويلة الأمد مرتبطة بالنفط). وأدى الأداء القوي الذي شهدناه العام الماضي إلى انخفاض حاد في نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 55% إلى 37% (باستثناء الجهات التابعة للحكومة). وقامت وكالة فيتش برفع التصنيف الائتماني السيادي لقطر إلى AA- مع نظرة مستقبلية إيجابية. ومن المتوقع أن يتراجع معدل التضخم إلى 3.5% في ظل تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد وتراجع الضغوط التضخمية العالمية.