محمود عيسى
ذكرت مجلة «ميد» أن البنوك الكويتية بدأت الدخول في مرحلة إعادة التوازن، حيث تستمد الزخم مما لديها من مقومات أساسية رصينة، بالإضافة إلى النمو الذي حققته خلال الفترة الماضية وفقا للنتائج الجيدة التي أعلنتها مؤخرا، الأمر الذي يعتبر محفزا للتفاؤل وتوقع المزيد من التحسن في أداء هذه المؤسسات المالية على المدى القريب.
وفي تحليل بقلم المحرر جيمس غافن، المتخصص بالشؤون المالية وتحليلات الاقتصاد والطاقة، اعتبرت المجلة انخفاض مستويات القروض المتعثرة وتحسن معايير التمويل من العوامل المساعدة للقطاع المصرفي الكويتي على تحقيق أداء قوي في 2023، وقد بدأت تلوح في الأفق بشائر حصول هذه البنوك على فرص الإقراض لتمويل المشاريع التي ستتم ترسيتها في وقت لاحق.
وقالت المجلة إن البنوك الكويتية تتخذا مسارا صحيحا في مضمار تحقيق الربحية، حيث تجلى ذلك في نتائج نصف العام الحالي، والتي كانت ترجمه لأداء قوي لأكبر البنوك في النظام المصرفي الكويتي الذي يضم 10 بنوك تعمل بصورة متناغمة ومتسقة.
ومع أن المحلل استبعد تكرار مستويات النمو التي حققتها البنوك العام الماضي، التي شهدت زيادة صافي الدخل بنسبة 25.3% في المتوسط، التي تحققت بفضل تضخم هوامش الفائدة وانخفاض قيمة القروض المحتمل تعثرها، والتركيز المستمر على كفاءة التكلفة، إلا انه أشار إلى احتمال تحقيق أرباح بنسبة من خانتين في النصف الثاني بفضل توقع تكرار النمو لسنة كاملة.
وعلى صعيد متصل، قال الكاتب إن بنك الكويت الوطني، حقق 16% زيادة في أرباح النصف الأول من 2023 لتصل إلى 275.3 مليون دينار، بفضل ارتفاع دخل الفوائد، فيما ارتفع إجمالي الأصول في النصف الأول بنسبة 5.3% إلى 36.1 مليار دينار.
ومن شــــأن تحسن معايير القروض المتعثرة، التي تعتبر بالفعل الأدنى مقارنة بنظيراتها في الخليج ودعم معدلات التمويل بقوة أن يضيفا مزيدا من القوة لأداء البنوك.
وفي سياق تقييمه لأداء البنوك الكويتية في وقت سابق من هذا العام، أثنى صندوق النقد الدولي على هذا الإنجاز، مشيرا إلى أن البنوك لاتزال تتمتع برسملة عالية وسيولة جيدة، وكلتاهما تتجاوز بشكل مريح المتطلبات التنظيمية الاحترازية. ويذكر أن متوسط معدل كفاية رأس المال العام الماضي بلغ 17.3% وهو أعلى من متطلبات البنك المركزي المقررة بواقع 12%.
وأشار المحلل إلى تدني معدلات القروض المتعثرة وفقا للمعايير الإقليمية، لافتا إلى أن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الكويت ليس نشطا كما هو الحال في بعض دول الخليج الأخرى، مما يعني التعامل مع عدد أقل من العملاء المعسرين، فضلا عن أن عملاء البنوك في المتوسط هم من المواطنين الكويتيين العاملين في القطاع العام، ويعتبرون من ذوي المخاطر المتدنية.
كما تستمد جودة أصول البنوك الكويتية قوتها من الأداء القوي لقطاع العقارات في الكويت، الذي لديه القليل من الانكشاف على الاستثمارات الأجنبية نسبيا، مما يزيل مخاطر التقلبات التي تحركها المضاربة التي تؤثر على نشاطات البنوك.
وقالت المجلة انه يجب أن يظل الإقراض للقطاع الخاص قويا، على الرغم من سلسلة زيادات الفائدة التي نمت بمقدار 250 نقطة أساس منذ أن بدأت دورة تشديد السياسة النقدية العالمية في عام 2022، وبلغ متوسط نمو الإقراض 7.7% العام الماضي، على الرغم من أن هذا العام لن يكون مرتفعا بهذه النسبة.
ولفت المحلل إلى أن قانون الرهن العقاري الجديد الذي يسمح للبنوك المحلية بتقديم قروض إسكانية تصل إلى 140 ألف دينار على أن تغطي الدولة الفائدة المستحقة على أول 70 ألف دينار منها نيابة عن المقترض، ينطوي على زخم قوي لنمو الائتمان.
ويمكن أن تؤدي الزيادة في منح المشاريع هذا العام إلى زيادة الائتمان من الناحية الفنية، لكن النمو الفاتر المتوقع من جانب المستهلك قد يكون له تأثير ضاغط على إجمالي أداء القروض.
وعلى الجانب التنظيمي، فقد أشاد صندوق النقد الدولي ببنك الكويت المركزي على مراجعته المنتظمة لمدى كفاية النظام المالي والمصرفي ومجموعة أدوات السياسة الاحترازية الكلية التي يطبقها، مشيرا إلى ان البنك سيواصل إجراء اختبارات الضغط بانتظام على مرونة النظام المصرفي في مواجهة مخاطر الاستقرار المالي الناشئة.
لكن الصندوق قال إن الضمان الشامل الحالي على الودائع المصرفية يجب استبداله تدريجيا بإطار تأمين محدود على الودائع لمواجهة المخاطر الأخلاقية، داعيا إلى وجوب إلغاء سقف سعر الفائدة على القروض التجارية تدريجيا لدعم كفاءة تسعير المخاطر المعقولة والعرض الائتماني للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وختمت «ميد» بالقول انه لا تلوح في افق القطاع المصرفي الكويتي بوادر لأي عمليات اندماج أو استحواذ كبيرة أو في طور الإعداد هذا العام، ولكن البنوك الكويتية سترحب باستقرار النمو بعد الاضطرابات التي شهدتها السنوات الماضية، وان كان هذا النمو غير مألوف.