علاء مجيد
أكدت «موديز» قوة البيئة التشغيلية التي يعمل بها البنوك الكويتية من اقتصاد صلب يرتكز إلى احتياطيات نفطية هي الأولى من حيث عدد سنوات الإنتاج بين دول الخليج وأكبر عاشر منتج للنفط عالميا بحسب إحصائية نشرتها شركة «بريتش بتروليوم» في 2021، هذا بالإضافة إلى الاحتياطات المالية في صناديق الثروة السيادية التي تتخطى الناتج المحلي الإجمالي بأضعاف.
لكن الوكالة اشارت الى أن نقطة الضعف الأبرز أن الاقتصاد الكويتي يبقى الأقل تنوعا، حيث مازال القطاع النفطي يسهم بنحو 42% من الناتج المحلي الإجمالي و85% من إجمالي قيمة الصادرات.
وأشادت الوكالة بالسياسات الرقابية والتنظيمية الحصيفة التي يتبعها بنك الكويت المركزي، وهو ما ظهرت نتائجه واضحة في فترات الأزمات والاستقرار الذي شهده القطاع مقارنة بباقي القطاعات المصرفية في المنطقة والعالم.
سيولة وافرة
أشارت الوكالة إلى وفرة السيولة لدى البنوك الكويتية حيث تمثل الأصول السائلة لدى القطاع نحو 30% من إجمالي الأصول الملموسة ما يمثل مصدات مهمة مقابل تركز الإقراض.
فيما أكد التقرير أن البنوك لاتزال تفتقر إلى استثمار تلك السيولة في أوراق مالية حكومية طويلة الأجل واقتصار استثمارها على سندات السيولة قصيرة الأجل التي يصدرها بنك الكويت المركزي، ما يرجع إلى عدم تمرير قانون الدين العام.
ضمانة حكومية
منذ عام 1996 تضمن الحكومة الودائع في البنوك وانتهى العمل بذلك النظام في 2004 ليعود من جديد بقانون ضمان الودائع بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 ليضمن كل الودائع حتى الحسابات الجارية وحسابات التوفير.
وبالتزامن مع ما تتعرض له البنوك العالمية من انهيارات مالية واسراع العملاء للمطالبة باسترداد أموالهم من البنوك ما يتطلب تدخل الجهات التنظيمية واجراء بعض الاستحواذات والاندماجات لمنع الانهيار، ذكرت «موديز» أن الودائع تمثل 57% من إجمالي الالتزامات لدى البنوك الكويتية بنهاية العام الماضي، وهناك قانون أعده بنك الكويت المركزي معروض الآن على الهيئة الشرعية ليكون بديلا لقانون ضمان الودائع.
ووفقا لتقرير الاستقرار المالي، فقد بلغت نسبة القروض المتعثرة لدى البنوك في الكويت نحو 1.4%، مسجلة انخفاضا عن الفترة المقارنة من عام 2020.
مركز مالي صلب
تبلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي الكويتي 85 مليار دينار (277 مليار دولار) بنهاية 2022، ويستحوذ بيت التمويل الكويتي على أكبر حصة بنسبة 35% من إجمالي أصول القطاع، وقد ارتفعت الأصول بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 5%، بدعم من المطالبات التمويلية للقطاع الخاص المحلي، التي زادت بمعدل سنوي مركب بنسبة 3% لتصل الى 44 مليار دينار، كما تشكل قروض القطاع الخاص 52% من إجمالي أصول القطاع بنهاية عام 2022.
كما شهدت نسبة القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي للنظام المصرفي نموا كبيرا في عام 2020 لتصل إلى 120% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب تفشي «كوفيد-19»، وتراجع الناتج المحلي، لتعود النسبة وتنخفض إلى 79% في عام 2022 نتيجة النمو الكبير في الناتج المحلي الإجمالي وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.
وتتكون محفظة القروض بشكل أساسي من القروض الاستهلاكية، التي تشكل 39% من إجمالي القروض كما في 31 ديسمبر 2022) يليها القروض الموجهة لقطاعي العقارات والبناء (مجتمعة 25% من إجمالي قروض العملاء).
جدير بالذكر، أن القطاع المصرفي الكويتي يتكون من 5 بنوك تقليدية ومثلها إسلامية، بالإضافة الى 10 أفرع لبنوك أجنبية في البلاد، وتستحوذ اكبر 5 بنوك على 89% من إجمالي أصول القطاع المصرفي الكويتي.
الاقتصاد الكويتي
وكانت وكالة «موديز» قد حددت درجة القوة الاقتصادية للكويت عند A2، وهي درجة أعلى من الدرجة الأولية baa1، نظرا لضخامة الثروة النفطية لديها بما في ذلك نصيب الفرد منها، فضلا عن انخفاض تكلفة الإنتاج، ومع ذلك، نظرا إلى اعتماد الكويت على النفط، فإن تسارع زخم العالم نحو تحول الركربون سيؤدي إلى ضغط سلبي على اقتصادها ومالية الحكومة.
من ناحية أخرى، قالت «موديز» إن الكويت تمتلك أكبر نسبة من احتياطيات النفط المؤكدة إلى الإنتاج بين دول الخليج، وهي تكفي لنحو 90 عاما بالمعدل الحالي للإنتاج، في حين تعد تكاليف الإنتاج من بين أدنى المعدلات عالميا.
ومع ذلك، فإن اقتصاد الكويت أصغر من اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى المصدرة للنفط، والتي، إلى جانب اعتمادها الأكبر على قطاع النفط، تؤدي إلى نمو اقتصادي وناتج محلي إجمالي اسمي يميل إلى أن يكون أكثر تقلبا من الدول النظيرة للكويت.
وبالنسبة لتقييم الوكالة لمؤسسات الكويت وقوة الحوكمة عند ba1، فإنه يوازن نقاط الضعف في بعض جوانب إطارها المؤسسي وفعاليتها كما يتجلى في مؤشرات الحوكمة الدولية، مقابل قدرة المؤسسات على بناء احتياطيات مالية كبيرة خلال فترات ارتفاع أسعار النفط والاستفادة منها للحد من تدهور الوضع الائتماني للحكومة خلال فترات انخفاض أسعار النفط.
ومقارنة بالعديد من النظراء المنتجين للنفط والغاز، بما في ذلك دول الخليج، لم تتمكن الكويت من إحراز تقدم بالإصلاحات المالية والاقتصادية، حيث أوضحت «موديز» أن استمرار تأجيل تنفيذ الإصلاحات (مثل توسيع الإيرادات غير النفطية) ومشاريع التنويع المدفوعة بشكل كبير بالبيئة السياسية الصعبة، قد يزيد انكشاف الكويت على التحول العالمي عن الطاقة بالمدى البعيد.