«مارمور»: الركود الاقتصادي في الصين يؤثر على حجم التجارة مع دول الخليج

أطلقت شركة مارمور مينا إنتليجنس، الذراع البحثية للمركز المالي الكويتي «المركز»، تقريرها حول الركود الاقتصادي في الصين وأثره في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي والاقتصاد العالمي. وأوضح التقرير أن للركود الاقتصادي في الصين، الاقتصاد الثاني عالميا، سيكون له أثر واسع النطاق على الاقتصاد العالمي. وتعتبر الصين مركزا للتصنيع ذي علاقة بالعديد من سلاسل التوريد العالمية. وعرفت الصين قبل جائحة كوفيد-19 بنموها الاقتصادي السريع، الذي فاق أغلب الدول النامية. وبعد إعادة الافتتاح النسبي للصين عقب السياسات الصارمة التي اتخذت لمواجهة فيروس كوفيد-19، لم يحقق معدل النمو توقعات الأسواق.

وتراوح معدل النمو الاقتصادي السنوي في الصين بين 7% و8% في الفترة ما بين 2012 و2019. وأدت جائحة كوفيد-19 والسياسات الصارمة للإغلاق التي طبقتها الصين إلى إحداث ركود مطول في نموها الاقتصادي. وبعد أن أعادت الصين فتح اقتصادها في النصف الأول من عام 2023، بلغ النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي الصيني 4.5% في الربع الأول من عام 2023، متجاوزا التوقعات البالغة 4%، مدعوما بارتفاع معدلات استهلاك التجزئة بعد القيود. ومع هذا، تراجع النمو إلى 0.8% في الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بـ 2.2% في الربع الأول من العام نفسه، ما يدل على ركود في النشاط الاقتصادي المحلي.

ويعزى الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى الركود في الإنفاق الاستهلاكي المحلي وانخفاض حجم التصدير ضمن مكونات الناتج المحلي الإجمالي. ويعتبر الاقتصاد الصيني قوة تصدير بارزة، حيث يسهم التصدير في قرابة 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وعقب إعادة فتح الاقتصاد الصيني عام 2023، شهد الطلب على الصادرات ركودا نتيجة إلى التراجع العالمي الناجم عن الزيادة في معدلات التضخم.

وفي الوقت الذي كانت فيه بقية دول العالم تواجه معدلات تضخم مرتفعة، تواجه الصين تباطؤا اقتصاديا بسبب ضعف الطلب. وكان للتحديات في القطاع العقاري تأثير أكبر على الاقتصاد، حيث أدى تراكم المباني غير المبيعة في قطاع العقارات إلى زيادة عبء الديون على شركات العقارات الكبرى مثل إيفرجراند وكانتري جاردن. وقد تقدمت هذه الشركات بطلب للتخلف عن السداد، ما قد يؤدي في النهاية إلى الضغط على القطاع المصرفي.

وسيكون للركود الاقتصادي أثر على الاقتصاد العالمي، وخصوصا على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك من خلال إحداث اضطراب في سلاسل التوريد العالمية التي ترتبط بدرجة كبيرة بالصين. ولقياس الأثر المباشر على دول مجلس التعاون الخليجي، فمن المهم دراسة العلاقات التجارية بينها وبين الصين. ويعني الركود في الصين انخفاضا في صادرات النفط إليها. وتعتبر الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث تشكل حوالي 15% من الاستهلاك العالمي للنفط. وتحتل عمان الحصة الأكبر من بين دول مجلس التعاون الخليجي للدول المصدرة للنفط إلى الصين، حيث تشكل صادراتها إلى الصين نحو 42% من إجمالي صادراتها. كما تمثل الصادرات من السعودية والكويت وقطر إلى الصين نسب مرتفعة وهي 19%، و27.4%، و12.7% على التوالي. وتستورد دول مجلس التعاون الخليجي الكثير من السلع الاستهلاكية من الصين، وخاصة الإلكترونيات. ورغم أن الركود قد يؤدي إلى خفض تكلفة الواردات، إلا أن استمراره قد يتسبب في نقص العرض من هذه السلع.

ولقد اتخذت الصين خطوات فعالة للتصدي للركود الاقتصادي الذي تواجهه. ويعد إنعاش الطلب في قطاع الإسكان جانبا رئيسا للتحفيز الاقتصادي، ومن أجل تعزيز الطلب على الإسكان، قرر البنك المركزي والجهات التنظيمية المالية تخفيف القيود على شراء المنازل. كما تسعى الصين لتقوية قيمة عملتها من خلال خفض كمية العملات الأجنبية المسموح للبنوك بالاحتفاظ بها كاحتياطيات من 6% إلى 4% من ودائعها بالعملة الأجنبية. ومن المتوقع أن تسهم هذه التدابير في تحفيز الطلب داخل الصين، وهو ما قد يكون له أثر إيجابي في الطلب العالمي على النفط، وقد يسهم هذا الأمر في تخفيف التخفيضات على العرض من قبل أوپيك+، والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي.

المصدر

Exit mobile version