فضل العبادة في العشر الأواخر

العشر الأواخر من شهر رمضان هي أيام عظيمة ولياليها مباركة، وهي أفضل عشر ليال للعبادة والعمل الصالح، تبدأ من ليلة 21 رمضان حتى ليلة 30 رمضان إذا كان الشهر كاملا.. فماذا نفعل فيها، وما أحب الأعمال التي يجب على المسلم أن يقوم بها؟

عن فضل العشر الأواخر من رمضان، يقول العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي: من اعظم نعم الله ان يمد في عمرك حتى تدرك رمضان وتدرك العشر الأواخر ومواسم الطاعات، فقد تفضل الله علينا بأن أدركنا رمضان هذا العام، ولو أحسنا استغلال الأوقات بالطاعات فقد ندرك درجة الشهيد في سبيل الله، انظر الى هذه البشارة العظيمة في طول عمرك وحسن عملك.

وأضاف: علينا أن نكثر من الطاعات وخاصة في العشر الأواخر، ففيها ليلة هي خير من ألف شهر فهي تساوي نحو 83 سنة وأربعة أشهر وعند الله المزيد، ولنعلم ان الأعوام والشهور تمضي والأيام والساعات تنقضي وهي رأسمال الإنسان في هذه الحياة الفانية، فالسعيد من اغتنمها في الطاعات، والشقي من ضيعها في المنكرات والمعاصي والمحرمات.

فليتنافس المتنافسون

من جهته، يقول الشيخ يحيى العقيلي: ها هي العشر الأواخر من رمضان قد اطلت علينا ايذانا بختام شهر رمضان المبارك، تستحث همم المتقين وتشد من عزم العابدين للاقتداء بهدي سيد المرسلين، ليكونوا في سجل المقبولين وعداد المرحومين، كما تعظ المقصرين والمفرطين على استدراك تقصيرهم والتوبة من تفريطهم، لعلهم ينجون في ختام الشهر من ان يكونوا في سجل الأشقياء وعداد المحرومين، فهذه العشر عباد الله قد خصها ربنا جل وعلا بفضائل جمة وخصائص مشهودة، وهذا من كرم الله تعالى وعظيم جوده وإحسانه ان جعل خير ليالي الشهر اواخرها ليزداد المحسنون ويستدرك المقصرون.

وإن من أعظم أسباب البركة والفضل، وأسرار المثوبة والأجر لهذه الليالي العشر، ان فيها ليلة القدر تلك الليلة المباركة الشريفة القدر، التي انزل فيها القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، والتي هي خير من ألف شهر في العبادة والذكر والدعاء والقيام، قال تعالى في فضلها وعظم قدرها: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر).

ولأجل هذا الفضل العميم والخير العظيم، فقد خص الرسول صلى الله عليه وسلم هذه العشر بمزيد من الاجتهاد في العبادة، وكان له هدي وسنة في إحيائها، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، وتمثل هذا الاجتهاد – عباد الله – فيما روته رضي الله عنها وقالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» (متفق عليه) دلالة واضحة على اجتهاده وتفرغه للعبادة واعتزاله النساء، وكان من رحمته بأهله ان يوقظهم للمشاركة في هذا الفضل العظيم، ففي المسند عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين (أي العشرين الأول من رمضان) بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر».

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إحياء تلك العشر بقيام الليل إتماما لقيام رمضان الذي بشر فاعله بالمغفرة والرضوان، فقال: «من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». فقيام الليل – عباد الله – شرف المؤمن، ورفعة في منزلته عند الله تعالى، الذي امتدح القائمين بقوله جل وعلا: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون).

فحري أن نجتهد في تحريها وأن نجدّ في طلبها، فهي الغنيمة فاز من ظفر بها وحرم من ضيعها وفرط، فاتقوا الله وتنافسوا على الطاعات واجتهدوا في هذه الليالي المباركة كما اجتهد نبيكم صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وتسابقوا للقربات، فالسابقون هم المقربون، وإياكم والغفلات والملهيات، فإنها تضيع الأعمار وتنقص الآجال، وأقبلوا على ربكم فإنه تعالى يقبل على الطائعين ويقبل التائبين.

المصدر

Exit mobile version