صندوق النقد: الكويت بحاجة إلى ضبط مالي شامل.. وداعم للنمو

أكد صندوق النقد الدولي أن الكويت بحاجة إلى ضبط مالي شامل وداعم للنمو، وذلك من أجل تعزيز استدامة المالية العامة ودعم العدالة بين الأجيال، معتبرا أن التوسع المالي الوارد في موازنة 2023/2024 مناسب نظرا للفجوة السلبية في الإنتاج غير النفطي، وأنه ابتداء من السنة المالية المقبلة ينبغي أن يهدف ضبط أوضاع المالية العامة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية ومعالجة أوجه الجمود في الإنفاق الجاري مع زيادة الإنفاق الرأسمالي لزيادة النمو الممكن.

جاء ذلك في بيان صحافي بمناسبة اختتام مشاورات عام 2023 مع الكويت بموجب المادة الرابعة من اتفاقية إنشاء الصندوق، الذي أشار فيه إلى أن تدابير إصلاح الإيرادات العامة، يمكن أن تشمل فرض الضريبة الانتقائية وضريبة القيمة المضافة كما هو الحال في دول مجلس التعاون، فضلا عن توسيع ضريبة دخل الشركات لتشمل الشركات المحلية.

وزاد الصندوق «يجب أن تركز تدابير الإنفاق العام على تقليص فاتورة الأجور والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة مع تحسين إجراءات دعم الدخل الموجهة».

وأشار الصندوق إلى أن هناك حاجة إلى حزمة إصلاحات هيكلية لتعزيز إنتاجية العمل والنمو في القطاعات غير النفطية الذي يقوده القطاع الخاص، وكذلك هناك حاجة إلى نمو قوي في القطاعات غير النفطية يقوده القطاع الخاص لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وهذا يتطلب مجموعة شاملة من الإصلاحات التي تعالج التحديات الهيكلية العميقة.

وأضاف: «لتحفيز الكويتيين على البحث عن وظائف في القطاع الخاص، هناك حاجة إلى إصلاحات سوق العمل لتعزيز هيكل الأجور بحيث يكون متوافقا مع السوق، وعلى وجه الخصوص، يجب مواءمة الأجور وظروف العمل تدريجيا على مستوى القطاعين العام والخاص، والعمل على تحقيق الاتساق وبشكل متواصل بين سياسات سوق العمل المطبقة على المواطنين والمغتربين».

وشدد البيان على أنه يجب تنفيذ إصلاحات شبكة الأمان الاجتماعي بالتوازي لضمان الحماية الاجتماعية الكافية للمواطنين خلال الفترة الانتقالية، وفي غضون ذلك من المهم للغاية المضي قدما في تدابير الإصلاح التي تعزز الحوكمة وبيئة الأعمال لتعزيز المنافسة وتشجيع الاستثمار، بما في ذلك تخفيف قيود الملكية الأجنبية على الشركات وتحسين آليات تخصيص الأراضي العامة لفترات تأجير أطول لأغراض التنمية التجارية، ومن شأن الاستثمار في رأس المال البشري كذلك أن يعزز نمو الإنتاجية على المدى الطويل.

وجاء في البيان «بالاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، يستمر الانتعاش الاقتصادي مع استمرار احتواء التضخم في الكويت، إذ ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية إلى ما يقدر بنحو 3.4% في عام 2021، مستفيدا من انتعاش الطلب المحلي والخارجي، وتعزز بشكل أكبر إلى نحو 4.0% في عام 2022، وقد أدى هذا، جنبا إلى جنب مع زيادة إنتاج النفط، إلى انتعاش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا بنسبة 8.2% في عام 2022».

وذكر «من المتوقع أن ينخفض النمو الحقيقي في القطاع النفطي خلال 2023 بسبب تخفيضات إنتاج النفط، وسيظل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية قويا، مدفوعا بالطلب المحلي، ومن المتوقع أن يبقى ثابتا على المدى المتوسط».

وأضاف «بعد أن بلغ معدل التضخم الرئيسي ذروته عند 4.7% على أساس سنوي في أبريل 2022، تراجع إلى 3.7% في مايو 2023، وساعد تشديد السياسة النقدية من قبل بنك الكويت المركزي إلى جانب الدعوم الحكومية للمواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والسكر، والقيود على أسعار البنزين المحلية، في احتواء التضخم، ويتجه التضخم الأساسي (باستثناء المواد الغذائية والنقل) أيضا إلى الانخفاض منذ الربع الثاني من عام 2022».

وأشار البيان إلى أن الموازين المالية والخارجية للكويت تعززت وازدادت الهوامش الوقائية الخارجية، وتحول رصيد الموازنة العامة إلى فائض بنسبة 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/2022، بينما تحسن رصيد الموازنة العامة غير النفطي (من دون حساب دخل الاستثمارات الحكومية) بنحو 9 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطي ليصل إلى نحو -90.1%، وانخفضت الاحتياجات التمويلية بشكل جوهري.

وتشير التقديرات إلى أن الفائض في الموازنة العامة قد تحسن إلى 23.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2022/2023، مستفيدا بشكل رئيسي من ارتفاع الإيرادات النفطية، ولكن أيضا من تقييد الإنفاق العام الذي ساعد على زيادة رصيد الموازنة العامة غير النفطي بنحو نقطتين مئويتين من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى نحو -88.3%.

وبدعم من ارتفاع الإيرادات النفطية من المقدر أن يصل الفائض في الحساب الجاري إلى نحو 33.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، كذلك من المتوقع أن يبقى مرتفعا في عام 2023، وبلغت الأصول الاحتياطية الرسمية 48.2 مليار دولار في نهاية عام 2022 (يغطي 10.4 أشهر من الواردات المتوقعة).

وأضاف أن المخاطر المحيطة بتوقعات الاقتصاد الكلي الأساسية مرتفعة وتميل إلى الجانب السلبي، وتشكل التقلبات في أسعار النفط وإنتاجه الناشئة عن عوامل عالمية مخاطر من جانبين للنمو والتضخم، وكذلك على أرصدة المالية العامة والحساب الجاري.

وذكر أن التباطؤ الأعمق في النمو العالمي، والذي ربما يكون ناجما عن المزيد من تشديد السياسة النقدية أو ضغوط القطاع المصرفي في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، من شأنه أن يؤثر سلبا على الاقتصاد الكويتي، كما أن تعميق التفتت الجغرافي الاقتصادي من شأنه أن يقلل من النمو المحتمل، بينما يؤدي من الناحية الهيكلية إلى تدهور أرصدة المالية العامة والحسابات الجارية، أما بالنسبة للمخاطر المحلية، فإن التأخير في الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة قد يؤدي إلى تضخيم مخاطر السياسة المالية المسايرة للدورات الاقتصادية وتقويض ثقة المستثمرين، ومن شأن مثل هذه التأخيرات أن تعيق التقدم نحو تنويع الاقتصاد، مما يجعله أكثر عرضة لمخاطر التحول المناخي، وعلى الجانب الإيجابي، يمكن لحل الجمود السياسي تسريع الإصلاحات المالية والهيكلية المطلوبة، وتعزيز ثقة المستثمرين، وتحفيز الاستثمار الخاص.

ولفت البيان إلى أن الانتعاش الاقتصادي مستمر ولكن المخاطر على التوقعات لاتزال كبيرة، ولايزال النمو غير النفطي قويا في عام 2023، مع انخفاض التضخم الرئيسي وفائض كبير في الحساب الجاري. ومع ذلك، تحيط المخاطر المرتفعة بالتوقعات الاقتصادية الأساسية، لاسيما تلك المرتبطة بتقلب أسعار النفط والإنتاج الناشئ عن عوامل عالمية.

وبالنظر إلى الهوامش الوقائية المالية والخارجية الكبيرة التي تتمتع بها الكويت، يمكنها إجراء الإصلاحات اللازمة من مركز قوة. ومع ذلك، قد يستمر الجمود السياسي في تأخير الإصلاحات، ويعد حل المأزق أمرا بالغ الأهمية لتسريع زخم الإصلاحات، وبالتالي تعزيز النمو وتنويع الاقتصاد.

وذكر أنه ومن شأن وجود إطار مالي متوسط الأجل قوي مع دعامة مالية واضحة أن يدعم ضبط أوضاع المالية العامة، ونظرا لحساسية رصيد الموازنة العامة لأسعار النفط، يمكن أن يكون هدف التوازن الأولي الهيكلي غير النفطي بمنزلة دعامة مالية مناسبة، كما أن تنفيذ سياسة مالية من خلال إطار عمل قوي يمكن أن يساعد في مقاومة ضغوط الإنفاق الحكومي عندما ترتفع أسعار النفط، ويمنع الإنفاق المساير للدورات الاقتصادية ويضمن استدامة مكاسب التصحيح.

وتطرق إلى أنه من شأن تعزيز الحوكمة المالية والشفافية أن يعزز المساءلة ومصداقية السياسات، ويجب أن تهدف الإصلاحات إلى تعزيز تغطية بيانات المالية العامة وإعداد التقارير، وتعزيز الحوكمة المؤسسية، وتعزيز عمليات الشراء العامة، كما ينبغي أن تشمل الإصلاحات إعادة تنشيط الإطار المتكامل لإدارة الأصول والخصوم لتقييم تكاليف وعوائد قرارات الاستثمار والاقتراض، والانعكاسات المالية الكلية الأوسع نطاقا وبصورة شاملة.

نظامنا المصرفي.. مستقر ومرن

أشار التقرير إلى أن مؤشرات السلامة المالية واختبارات الضغط التي تجريها السلطات الكويتية تظهر أن النظام المصرفي مستقر ومرن في مواجهة الصدمات الشديدة، كما أن البنوك الكويتية جيدة الرسملة وذات سيولة مرتفعة، وتبقى القروض غير المنتظمة منخفضة، والربحية تتعافى أيضا.

بنوكنا محصّنة من المخاطر النظامية

قال البيان إن النظام المصرفي الكويتي يعتبر مستقرا ومحصنا تجاه المخاطر النظامية، ومدعوم بإطار احترازي قوي يجب الاستمرار في تعزيزه، والآن بعد أن تم التخلص من جميع تدابير الدعم التنظيمي المالي المتعلقة بالجائحة، يجب على «المركزي» النظر في تعديل تكوين متطلبات رأس المال الإلزامي لجعل السياسة الاحترازية الكلية أكثر معاكسة للتقلبات الدورية، ويجب إلغاء الحد الأقصى لسعر الفائدة على القروض التجارية تدريجيا لدعم تسعير المخاطر بكفاءة وتوفير الائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في حين يجب استبدال الضمان الشامل الحالي على الودائع المصرفية بإطار تأمين محدود على الودائع لمواجهة المخاطر الأدبية.

استقلالية السياسة النقدية

تطرق صندوق النقد إلى نظام سعر الصرف المستند إلى الارتباط بسلة عملات غير معلنة، مبينا أنه يبقى إطارا مناسبا للسياسة النقدية، ويوفر لـ «المركزي» بعض الاستقلالية في السياسة النقدية، وقد مكنه من تحقيق معدلات تضخم منخفضة ومستقرة لسنوات عديدة، ويجب متابعة كل من ضبط أوضاع المالية العامة لدعم العدالة بين الأجيال، والإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد وذلك بهدف تقوية المركز الخارجي ودعم نظام الربط لسعر الصرف.

المصدر

Exit mobile version