قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن قيمة المبيعات العقارية بالكويت تراجعت خلال الربع الثاني من 2023، لتشير إلى تباطؤ السوق وسط ارتفاع تقييمات العقارات السكنية، وتزايد تكاليف الاقتراض، حيث انخفضت مبيعات كل القطاعات على أساس سنوي، فيما توقع التقرير أن يبقى نشاط القطاع ضعيفا خلال الفترة المتبقية من 2023.
في الوقت ذاته، قد تسهم جهود الحكومة التي شهدناها مؤخرا لحل أزمة السكن في تقليص قائمة انتظار الطلبات السكنية على المديين المتوسط والطويل.
وبالعودة إلى المبيعات العقارية، أشار التقرير إلى تراجع إجمالي قيمة المبيعات للربع الثاني على التوالي ليصل إلى 672 مليون دينار (-5.8% على أساس ربع سنوي)، فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ الربع الثالث من عام 2020.
كما كشفت مؤشرات أخرى عن تباطؤ الأداء، إذ تباطأت وتيرة ارتفاع مؤشر أسعار العقارات (يشمل القطاعين السكني والاستثماري) إلى 1.4% فقط على أساس سنوي، مسجلا بذلك أبطأ معدل نمو منذ الربع الثالث من عام 2018.
إضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات البنك المركزي تباطؤ وتيرة الإقراض المرتبط بشراء العقارات بشكل ملحوظ حتى الآن لهذا العام، إلا أن ضعف المبيعات العقارية في الربع الثاني من عام 2023 قد يكون ناجما عن العوامل الموسمية، إذ انخفض النشاط بشكل حاد في أبريل والذي تزامن مع فترة شهر رمضان وعيد الفطر.
أما على الصعيد القطاعي، فقد شهدت مبيعات القطاع السكني انخفاضا هامشيا خلال الربع الثاني على الرغم من وصولها لأدنى المستويات المسجلة منذ الربع الثالث من عام 2020، وبقيت مبيعات المنازل متركزة في مدينة الكويت ومحافظة الأحمدي، إذ استحوذت على نحو نصف إجمالي مبيعات المنازل، في حين استحوذت مبيعات قسائم الأراضي بمدينة الكويت على نحو ثلث إجمالي مبيعات هذه الفئة، والتي قد يكون بعضها مرتبطا بمشروع تطوير أسواق المباركية الذي تصل قيمته إلى 55 مليون دينار.
من جهة أخرى، تراجعت مبيعات القطاع الاستثماري (الذي يشمل المباني والشقق) بنسبة 21% في الربع الأول من العام لتصل إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ الربع الثاني من عام 2021، وتركز نحو نصف مبيعات الوحدات السكنية في محافظة الأحمدي (101 وحدة)، بينما تركزت 54% من مبيعات المباني السكنية في محافظة حولي (59 مبنى).
وما زالت اتجاهات أسعار القطاع الاستثماري مستقرة في الوقت الحالي بشكل أفضل مقارنة بالقطاع السكني، إذ ارتفعت بنسبة 3.5% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023، ونرى أن ذلك كان نتيجة لعاملين رئيسيين هما ارتفاع الأسعار خلال الجائحة بدرجة أقل بكثير مما كانت عليه في القطاع السكني، ما يعني انخفاض التقييمات، كما ساهمت زيادة العمالة الوافدة في مرحلة ما بعد الجائحة في تعزيز الطلب، وهو العامل الديموغرافي الرئيس الذي يدعم الطلب.
وشهد العام الماضي ارتفاع إيجارات الشقق، وهو الأمر الذي انعكس على قراءة مؤشر أسعار المستهلكين، بعد عدة سنوات من الركود/ الانكماش، إلا أن نشاط القطاع لا يزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، وقد يؤثر إعادة فتح تأشيرات الالتحاق بعائل خلال الفترة المقبلة قد يدعم الطلب على الشقق خلال الأرباع القادمة.
وأخيرا، ارتفعت مبيعات القطاع التجاري بنسبة 18.6% على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من عام 2023 على الرغم من استمرار تراجعها بشكل حاد على أساس سنوي، ويعزى النمو على أساس فصلي بصفة رئيسية إلى إتمام صفقة بقيمة 21 مليون دينار في مدينة الكويت. وباستثناء تلك الصفقة، كان مستوى المبيعات مستقرا نسبيا مقارنة بالربع الأول من عام 2023.
وأشار تقرير «الوطني» إلى أنه ما زالت آفاق نمو نشاط العقارات السكنية ضعيفة للفترة المتبقية من عام 2023 وذلك في ظل ارتفاع التقييمات وسياسات رفع سعر الفائدة واللذين يشكلان رياحا معاكسة للطلب.
وعلى صعيد أكثر إشراقا، فإن خطة الإصلاحات الحكومية المقترحة والتركيز على معالجة النقص الذي يعاني منه قطاع الإسكان قد يسهم في إمكانية زيادة المعروض خلال الفترة القادمة ما سيساعد على تقليل تراكم طلبات الإسكان الحكومي واستيعاب الطلبات الجديدة.
وعلى صعيد القطاعيين الاستثماري والتجاري، فنتوقع أن تسهم بعض العوامل التي تتضمن نمو الاقتصاد غير النفطي بوتيرة معتدلة، وزيادة الإيجارات وانتعاش طلب الوافدين في تعويض بعض من تلك الضغوط الناجمة عن بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، على الرغم من أن الاتجاهات العالمية تشير إلى انها قد بدأت في الوصول إلى مستويات الذروة أو اقتربت من ذلك بالفعل.