تحولات الطاقة العالمية تفرض تحديات كبيرة على دول الخليج

محمود عيسى

ذكر باحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن انه في حين قد يمثل تحول الطاقة على المستوى العالمي تحديات كبيرة لدول الخليج العربية، الا ان ثمة وسائل متوافقة مع مقتضيات التحول المناخي من اجل استخدام جزء كبير من احتياطيات دول الخليج من الهيدروكربونات.

وقال المعهد، في تحليل بقلم الزميل غير المقيم في المعهد والرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة روبين ميلز، ان شركة أرامكو السعودية تتعامل مع هذه القضية بحذر أكبر، وتخطط مع ذلك لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط من 12 مليون طن يوميا إلى 13 مليون طن يوميا بحلول عام 2027.

كما أعلنت الكويت عن أهداف مماثلة لزيادة إنتاج النفط من 2.7 مليون برميل يوميا إلى 4.75 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2040، على الرغم من عدم تنفيذ خطط مماثلة في الماضي، وتجري قطر توسعة هائلة للغاز الطبيعي المسال لرفع الإنتاج من 77 مليون طن متري سنويا إلى 126 مليون طن متري في اليوم بحلول عام 2027.

وقد حددت خمس دول خليجية أهدافا لتحقيق انبعاثات صفرية من الكربون، حيث تهدف الإمارات وسلطنة عمان إلى عام 2050 وتخطط البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2060. بالإضافة إلى ذلك، حددت كل من شركات أدنوك وأرامكو ومؤسسة البترول الكويتية عام 2050 الهدف لصافي انبعاثات الشركات من الكربون.

وقد تدعي دول الخليج أنها ستكون مزودا موثوقا للطاقة، وأنه مع توقعات انخفاض الإنتاج الروسي الآن، فإن ملاحظة وكالة الطاقة الدولية حول عدم الحاجة إلى حقول نفط وغاز جديدة قد عفى عليها الزمن ـ على الأقل بالنسبة لانتاج النفط والغاز الجديد.

إن التحدي المناخي الذي يواجه دول الخليج العربية هو ببساطة: مقابل الميزانية العالمية المتبقية البالغة 260 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، يمتلك العالم موارد قابلة للاسترداد تبلغ 729 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من النفط و389 مليار طن متري من الغاز الطبيعي و1120 مليار طن متري من الفحم. وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي 30% من هذا النفط و21% من الغاز، كما ان دول الخليج منتجة للنفط بتكلفة منخفضة وذات حجم كبير، لكن المنافسة على ميزانية تقليص ثاني أكسيد الكربون ستزداد حدة.

وقد اظهرت الحرب الروسية ـ الاوكرانية ان الوقود الأحفوري سيبقى عاملا مهما في الاقتصاد العالمي ولن يتم استبداله بسرعة أو بسهولة. ويستفيد الوقود الأحفوري من كونه الوقود الاكثر شعبية فضلا عن قاعدة الأصول الضخمة القائمة حاليا، والأداء الجيد، والتكاليف المقبولة في العديد من التطبيقات.

ومع ان البدائل منخفضة الكربون، لاسيما مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، والهيدروجين اصبحت أكثر فاعلية وذات أسعار اكثر قبولا في السنوات الأخيرة، الا ان زيادة البدائل بالسرعة اللازمة يمثل تحديا كبيرا. وتقدر وكالة «بلومبيرغ» على سبيل المثال، أن استثمارات الطاقة السنوية يجب أن تتضاعف بحلول عام 2030 لتحقيق الاهداف الصفرية، وبموجب هذا السيناريو وبحلول عام 2030، يجب أن يزيد الانتشار السنوي للطاقة الشمسية أكثر من ثلاث مرات، وطاقة الرياح بأكثر من خمس مرات والمركبات الكهربائية 11 مرة، والبطاريات 26 مرة مقارنة بالمعدل الذي ساد في عام 2020. ولا شك ان مثل هذا النشر السريع لهذه التكنولوجيات من شأنه أن يجهد سلاسل التوريد ومصادر المواد الخام التي ستصبح بحاجة إلى التعدين والمعالجة. ويجب أيضا أن تنمو البنية التحتية الداعمة، مثل الشبكات الكهربائية لمسافات طويلة جنبا إلى جنب مع محطات شحن المركبات. وفي بعض المجالات، لاسيما الطيران والصناعات الثقيلة وتخزين الطاقة على المدى الطويل، فإن التقنيات الحالية منخفضة الكربون ليست مجدية تقنيا أو تجاريا. وربما يكون الأمر الأكثر صعوبة هو التغلب على الجمود الاجتماعي والسياسي الذي يحافظ على استمرارية أنظمة الطاقة القديمة.

المصدر

Exit mobile version