علي إبراهيم
توقّع المدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدر السعد حدوث أزمة في إمدادات المياه بحلول عام 2050 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط دراسات تظهر انخفاض نسبة توافرها بنسبة 20% مقابل زيادة الطلب بنسبة 50%.
جاء ذلك في كلمة للسعد خلال منتدى تمويل تطوير المياه الذي نظمه الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أمس، بالشراكة مع البنك الدولي، حيث يهدف إلى معالجة ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودعم الاستدامة والمرونة الاقتصادية.
وقال إن قطاع الزراعة يواجه مخاطر متزايدة، إذ يستهلك 85% من المياه في المنطقة، لافتا إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعد واحدة من أكثر المناطق ندرة في المياه عالميا، حيث تمتلك أقل من 1% من موارد المياه العذبة المتجددة عالميا وتضم أكثر من 6% من سكان العالم.
وأشار السعد إلى أن هناك تحديات مستمرة منها كيفية تعزيز الابتكار في مجال تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وكيف يمكن أن تصبح تحلية المياه أكثر فاعلية من حيث التكلفة وصديقة للبيئة، مضيفا أن العديد من مرافق المياه تواجه مشكلات مثل التعرفة المنخفضة والإعانات المرتفعة وزيادة النفقات التشغيلية مما يجعل الاستدامة المالية أولوية أساسية.
وبين السعد أن هذا المنتدى يمثل منصة لاستكشاف الحلول بدءا من الشراكات بين القطاعين العام والخاص وصولا إلى دمج التمويل المناخي واستخدام أدوات مثل أسواق الكربون وصندوق المناخ الأخضر، لافتا إلى أن الهدف من المنتدى هو بناء دورة متكاملة تشمل الاستثمار والمعرفة والاستدامة القائمة على البيانات وضمان الوصول العادل للمياه.
مفترق طرق
من جهته، قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا عثمان ديون، في كلمة مماثلة، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقف عند مفترق طرق فهي الأكثر ندرة في المياه على مستوى العالم، وأصبحت حالات الجفاف والتصحر أكثر تواترا وشدة ويزيد تغير المناخ من هذه الضغوط مسببا تهديدات وجودية قد تجعل أجزاء من هذه المنطقة غير قابلة للعيش. وأضاف ديون أن تغير المناخ أصبح قوة مضاعفة تعطل موارد المياه، موضحا أن تقارير البنك الدولي حول المناخ والتنمية تشير إلى أن بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «قد تشهد زيادة في المياه لكن التأثير الإجمالي على الناتج المحلي الإجمالي وسبل العيش سلبي».
وذكر أن مواجهة هذا التهديد الوجودي تتطلب إعادة التفكير جذريا في كيفية إدارة واستخدام المياه، كما تتطلب العمل من خلال الحدود والقطاعات والمنظمات لتحريك الموارد المالية والبشرية والفكرية اللازمة لتأمين مستقبل المياه في المنطقة.
وقال ديون إن المنتدى يستمر يومين ويهدف إلى استحضار التجارب والمعرفة لمختلف الدول لايجاد قيادة صلبة قادرة على العمل على تأمين المياه الصالحة بهدف دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق التطور والازدهار لشعوب المنطقة جميعا، ولهذه الأسباب الصندوق العربي للإنماء أساسي لجهودنا وتحقيق أجندتنا وأهدافنا.
وأضاف أن الشراكة مع الصندوق تأتي لما لديه من خبرات وتجارب وعمق إقليمي يمكن دمجها مع تجارب وخبرات مجموعة البنك الدولي العالمية والعمل مع دول المنطقة والتعاون معها لمواجهة التحديات الخطيرة والحساسة ذات الأهمية القصوى ومنها المياه.
واعتبر أن تعزيز التعاون بين البنك والصندوق في قضايا المياه يعطي المنتدى أهمية خاصة فضلا عن مشاركة نخبة من صانعي القرار والممولين والخبراء الذين سيضع أمامهم مجموعة من الحلول المتكاملة لمواجهة تحديات المياه في هذه المنطقة وتحويلها إلى فرص اقتصادية يمكن استغلالها.
الحسن بن طلال: 21 مليار دولار احتياجات تمويل المياه ومشاريع الصرف الصحي بدول غرب آسيا
قال صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، ان العديد من الدول في المنطقة اتخذت خيار التطبيع لتحقيق السلام، مشددا على ضرورة التزام الحكومات بتحقيق مفهوم الحياة الكرامة الإنسانية من منظور إدارة الموارد وتطويرها لتحقيق الاكتفاء ضمن النظام الايكولوجي المتكامل، والذي يشمل الطاقة والماء والغذاء.
وأضاف بن طلال أن الأموال التي أنفقت على الجيوش والحروب والمطارات في المنطقة تصل إلى تريليونات الدولارات، مشيرا إلى أن إنفاق أقل من واحد في المائة من تلك الأموال كان من الممكن أن يعزز موارد المياه في المنطقة، خصوصا فيما يتعلق باكتشافات المياه الجوفية، حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أن المياه الجوفية في الصومال تعادل نسبة المياه في استراليا.
وأشار إلى أن تمويل المياه ومشاريع الصرف الصحي في منطقة دول غرب آسيا يحتاج إلى 21 مليار دولار، موضحا ان نسبة التسرب وفقدان المياه في المنطقة تتراوح من 20%- 50% من اجمالي المياه في المنطقة.
وأوضح انه في عام 2050 من المتوقع أن يؤدي التراجع بموارد المياه في المنطقة، إلى تراجع في الناتج المحلي الإجمالي للمياه من 6 إلى 14%، وهو ما لا يتوافق مع متطلبات التنمية، فضلا عن 80% من المياه المالحة في المنطقة تبقى وتهدر بدون إعادة معالجة.
وأشار إلى وجود العديد من العوامل التي تنعكس سلبا على مشاريع تنمية موارد المياه منها الانقسام الجيولوجي والواقع السياسي والصراعات والنزاعات المستمرة في مناطق مختلفة في العالم مثل الصراع بين روسيا وأوكرانيا وفلسطين وإسرائيل وإثيوبيا والسودان وكينيا وأوغندا وغيرها، مشيرا إلى ان تراجع الكتلة الجليدية في منطقة الدول الاسكندنافية سيسهم في فتح مسارات للشحن والتبادل التجاري بين دول المنطقة ومن الشرق إلى الغرب.
وأكد بن طلال ضرورة تحقيق التكامل التنموي الحقيقي في المنطقة لتعزيز الموارد المائية، مشيرا إلى أن غالبية المشاريع في هذا الإطار غائبة ولا يتم تفعيلها بسبب عدم وجود صوت حقيقي من مناطق دول الشرق الأوسط إلى العالم.
وشدد على أهمية الأثر الاجتماعي والاقتصادي في مشاريع التنمية المتعلقة بالمياه، موضحا أنه يوجد ما يقارب 300 مليون شخص مستفيد من المياه في منطقة بلاد الشام الكبرى التي تشمل العراق والأردن وسورية ولبنان وايران وتركيا، ودعا إلى إطلاق مبادرة زرقاء خضراء، والتي تضع مشاريع المياه أولوية لإدارة الموارد الطبيعية لتحقيق الكرامة الإنسانية والاستدامة البيئية.