«الوطني»: النفط يواصل مكاسبه بدعم تزايد الطلب الموسمي وتمديد السعودية وروسيا لخفض الإنتاج

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، أن أسعار النفط ارتفعت للشهر الثالث على التوالي في أغسطس، وذلك نظرا لاستمرار المعنويات الإيجابية وسط مؤشرات واضحة على ضيق العرض فيما يعزى في المقام الأول لقيام منظمة الأوپيك وحلفائها بخفض الإمدادات، والتي كان أبرزها التخفيضات الحادة التي أعلنت عنها السعودية من جانب أحادي، إضافة إلى تزايد الطلب على النفط خلال فصل الصيف بوتيرة أفضل من المتوقع.

وأنهى مزيج خام برنت تداولات شهر أغسطس على ارتفاع، إذ وصل إلى 86.9 دولار للبرميل (+1.5% على أساس شهري، +1.1% منذ بداية العام الحالي حتى تاريخه)، في حين ارتفع سعر خام التصدير الكويتي بنهاية تداولات الشهر وصولا إلى مستوى 89.8 دولارا للبرميل (+2.3% على أساس شهري، +9.4% منذ بداية العام).

كما تحسنت المعنويات خلال أشهر الصيف مع تجاوز صافي الفروق بين عقود الشراء والبيع على المكشوف لخام برنت (الفرق بين المضاربات على زيادة الأسعار مقابل هبوطها) أكثر من 200 ألف عقد بصورة دورية خلال شهر أغسطس وارتفاعه لأعلى مستوياته المسجلة منذ أربعة أشهر وصولا إلى 230.8 ألف عقد منتصف الشهر الجاري.

واستقرت الأسعار منذ ذلك الحين خلال شهر سبتمبر متخطية مستوى 90 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ عشرة أشهر بعد أن فاجأت السعودية وروسيا الأسواق بإعلانهما تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية بمقدار مليون برميل يوميا و300 ألف برميل يوميا، على التوالي، حتى نهاية العام الحالي، مما أدى لانخفاض المعروض في السوق بشكل أكبر.

وبالرغم من الأداء الضعيف للاقتصاد الكلي، بقي الطلب العالمي على النفط قويا نسبيا هذا العام. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن يتراوح معدل نمو الطلب في المتوسط ما بين 2.2 و2.4 مليون برميل يوميا في 2023 بعد أن تجاوز الطلب مستويات قياسية بلغت 103 ملايين برميل يوميا خلال أشهر الصيف بفضل مرونة الطلب الصيني ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

أما في عام 2024، تتوقع الوكالة نمو الطلب على النفط بوتيرة أبطأ كثيرا تصل إلى مليون برميل يوميا في ظل ظروف الاقتصاد الكلي الأكثر تشددا على مستوى العالم، ومعايير كفاءة أكثر صرامة، وتزايد الإقبال على السيارات الكهربائية.

وعلى جانب العرض، كشفت المصادر الثانوية لبيانات إنتاج الأوبك عن انخفاض إنتاج المجموعة بمقدار 886 ألف برميل يوميا إلى 22.6 مليون برميل يوميا في يوليو، نتيجة لقرارات الخفض الطوعي لإنتاج السعودية بنحو مليون برميل يوميا، ليصل بذلك إنتاج المجموعة بالقرب من أدنى مستوياته المسجلة في عامين.

وقابل قرار الخفض السعودي زيادة في الإنتاج من قبل أنجولا والعراق بنحو 40 ألف برميل يوميا على أساس شهري. وما يزال إنتاج الأعضاء المعفيين من خفض حصص الإنتاج، وتحديدا إيران وفنزويلا، يواصل ارتفاعه بالرغم من العقوبات الأميركية. إذ ارتفع إنتاج إيران بنحو 250 ألف برميل هذا العام إلى 2.82 مليون برميل يوميا، فيما يعد الأعلى منذ ديسمبر 2018.

ويبدو أن رغبة الولايات المتحدة لمتابعة هذا الانتهاك ضئيلة للغاية نظرا لانشغالها بتنسيق جبهة العقوبات الأكثر أهمية وتحديد سقف الأسعار لمجموعة السبع ضد روسيا. ويبدو أن هناك بعض المفاوضات السرية لإعادة إيران وفنزويلا للأسواق مرة أخرى، ومن المرجح أن تضع الولايات المتحدة تصورا لثمن إعادة قبول هذين الشريكين بشكل كامل في سوق النفط العالمي مما قد يساهم في تحسن الإمدادات وبالتالي انخفاض أسعار البنزين بالنسبة للمستهلكين.

وانخفض إنتاج الأوبك وحلفائها (الذين ينطبق عليهم قرارات خفض حصص الإنتاج فقط)، والذي يشمل إنتاج روسيا البالغ 9.42 ملايين برميل يوميا، بمقدار 936 برميلا يوميا في يوليو إلى 35.6 مليون برميل يوميا.

تجدر الإشارة إلى أن تعهدات روسيا الأخيرة بخفض الإمدادات بمقدار 500 ألف برميل يوميا في أغسطس و300 ألف برميل يوميا في سبتمبر – والتي تم تمديدها الأسبوع الماضي حتى نهاية 2023 – تشير على وجه التحديد لصادراتها وليس الإنتاج. وهذا لا يعني أن الإنتاج سينخفض تلقائيا، ومن الممكن أن يبقى الإنتاج ثابتا أو قد يشهد زيادة، طالما تم توجيه كميات النفط المصدرة سابقا نحو صهاريج التخزين أو استخدامها لزيادة صادرات المنتجات المكررة، التي لا تخضع لحصص خفض الانتاج الخاصة بالأوپيك.

وفي الكويت، استقر إنتاج النفط الخام في يوليو عند 2.55 مليون برميل يوميا، وذلك للشهر الثالث على التوالي، وفقا لمصادر رسمية. ومن المتوقع أن تحافظ الكويت على هذا المستوى حتى نهاية عام 2023، وبعد ذلك من المقرر أن ترفع الإنتاج إلى 2.68 مليون برميل يوميا، مما يعكس التخفيضات الطوعية السارية منذ مايو وفقا لسياسة الأوپيك.

وفي ذات الوقت، ارتفع إنتاج الكويت وصادراتها من المنتجات المكررة لمستوى قياسي في يونيو، في ظل استمرار زيادة إنتاج مصفاة الزور، إذ بلغت صادرات المنتجات المكررة 1.1 مليون برميل يوميا، بنمو بلغت نسبته 38% على أساس سنوي، وفقا لمبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي). وارتفعت كميات الديزل/ زيت الغاز وفقا للمواصفات الأوروبية وزيت الوقود منخفض الكبريت في ظل تطلع الكويت لتزويد أوروبا والشرق الأقصى بهذه المنتجات.

وفي إطار مساعيها لدعم الطلب المتزايد على الطاقة الإنتاجية لمصافي التكرير في الوقت الذي تلتزم فيه بحصص خفض الانتاج بسبب سياسة الأوبك وحلفائها، اضطرت شركة نفط الكويت لإعادة توجيه النفط الخام الذي كان مخصصا لأسواق التصدير للمصافي المحلية (انخفضت صادرات النفط الخام بنسبة 11% منذ بداية العام حتى يونيو). إلا أن هذا التحول يعتبر منطقيا من الناحية التجارية نظرا للفارق السعري بين أسعار المنتجات المكررة وسعر النفط الخام.

وفي الولايات المتحدة، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأسبوعية ارتفاع إنتاج النفط الخام إلى 12.8 مليون برميل يوميا في أغسطس، بزيادة قدرها 700 ألف برميل يوميا منذ بداية العام حتى أغسطس (+5.8%)، أي أكثر من ضعف معدل العام الماضي، فيما يعزى لارتفاع إنتاجية الآبار الصخرية وتزايد أنشطة التنقيب والاستكشاف في ظل ارتفاع أسعار النفط.

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع إنتاج النفط إلى 13.1 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال العام المقبل، بدعم من ارتفاع معدلات إعادة الاستثمار من قبل منتجي النفط. وفي ذات الوقت، أجلت وزارة الطاقة شراء 6 ملايين برميل من النفط الخام لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي للبترول المخصص للتسليم في شهري أكتوبر ونوفمبر بسبب ارتفاع الأسعار.

المصدر

Exit mobile version