«الاقتصادية»: أي إصلاح يبدأ بمسّ جيب المواطن.. ساقط اقتصادياً وشعبياً

قالت الجمعية الاقتصادية الكويتية في بيان صحافي إنه منذ أكثر من 5 سنوات حذرت الجمعية مما تعيش فيه الكويت من اختلالات هيكلية لاقتصادها وعدم استدامة نموذج التنمية الاقتصادية المبني على قيادة القطاع العام.

وأضافت الجمعية في بيانها: «لقد استمررنا بإطلاق صرخات لعلها تعبر جدار الصمت الحكومي المنشغل بالسياسة على حساب اقتصاد الوطن الذي يعتبر الشريان الرئيسي لضمان واستقرار وازدهار ونماء البلاد، فما نسعى له دوما في بياناتنا المتعاقبة لهو نهج وقيم وسعي قديم لأبناء الكويت الأوفياء للمحافظة على ثروات الوطن وموارده، وآن الأوان لهذا النهج أن يورث لجميع أطياف المجتمع وعلى رأسهم جمعيات النفع العام، كل وفق اختصاصه، كما وصفه المغفور له بإذن الله الشيخ ناصر صباح الأحمد».

وأشارت «الاقتصادية» إلى أن وزارة المالية أصدرت مؤخرا مسودة الموازنة الأولية للسنة المالية 2023/2024، في اتجاه محاسبي مخالف لمسار العجز المالي المتوقع للسنة المالية الحالية، حيث تضمنت الميزانية التقديرية وللمرة الأولى، تقدير واحتساب الجهات المستقلة التابعة للدولة،

وهو الأمر الذي رفع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية بعد شمولها الإيرادات المتوقعة عن أرباح هذه الجهات في الموازنة إلى 19%، حيث قدرت «المالية» أرباح الجهات المستقلة في موازنة السنة المالية المقبلة بنحو 1.773 مليار دينار، مقارنة بـ 1.353 مليار دينار أرباحا متوقعة لها في السنة المالية الحالية.

وتوقعت كذلك وزارة المالية أن تحقق الكويت عجزا في موازنة السنة المالية المقبلة يبلغ نحو 6.826 مليارات دينار، قبل احتساب أرباح الجهات المستقلة، و5.053 مليارات دينار بعد احتسابها، بزيادة ما يعادل نحو 40 ضعف العجز المقدر للسنة المالية الحالية البالغ 123.9 مليون دينار.

وعلى ذلك من المتوقع أن تحقق موازنة 2022/2023 فائضا صغيرا جدا بنهاية المطاف، يصل الى نحو 600 مليون دينار (1% من الناتج المحلي الإجمالي) بمعدل سعر بيع 95 دولارا للبرميل مقابل 70 دولارا للبرميل تم تقديره في الميزانية 2022/2023.

ولكن سيرتبط هذا الفائض بالمتغيرات، ففي حال نزل سعر برميل النفط عن 70 دولارا فالعجز يصل إلى أكثر من 6 مليارات دينار، وبعد مضي شهرين ونصف الشهر من السنة المالية الجديدة بلغ معدل سعر بيع النفط ما يقارب 80 دولارا للبرميل.

وعلى الرغم من أن الارتفاع المتوقع للنفقات الحكومية سيدعم الطلب على المدى القريب، إلا أنه يضيف أيضا إلى ضغوط الاستدامة المالية على المدى الطويل، خاصة في سياق استمرار الاعتماد المفرط على العائدات النفطية المتقلبة (88% من إجمالي الإيرادات).

ولا يمكننا الالتفات عن عامل مهم وهو أن من ركائز العيش الكريم، التعليم والصحة والبنية التحتية، فمقارنة بحجم الميزانية غير المسبوق في مصاريفها، فإن الزيادة لتغطية تكاليف الأدوية في وزارة الصحة تبلغ فقط 122.4 مليون دينار، بالإضافة الى زيادة بمبلغ 35 مليون دينار للصرف على هندسة الطرق وصيانة الطرق السريعة مقارنة بالميزانية المعتمدة 2022/2023.

ومقارنتها بأمور لا ينتفع بها عموم مكونات الشعب والمجتمع وهو بيع الإجازات، بحيث انه تم إدراج للمرة الأولى مبلغ 481.8 مليون دينار نتيجة قرار البدل النقدي لرصيد بيع الإجازات على بند المصروفات، وهذا يشكل 3 أضعاف زيادة الأدوية وصيانة الطرق مجتمعة.

وقالت الجمعيـــــــة الاقتصادية إنه ما لا يمكن الالتفات عنه أيضا هو ارتفاع أسعار النفط اليوم من خلال الحرب الروسية – الأوكرانية غير المستدامة، وبالنظر لآخر 5 سنوات فإن اختلالات الميزانية واضحة ولا يمكن إغفالها.

وتشير تقارير ديوان المحاسبة وكذلك تقارير اقتصادية أخرى إلى ان هناك عدم جدية واضحة من وزارات الدولة للإسراع بتنفيذ المشاريع المدرجة ضمن خطة التنمية بميزانية الدولة وهذا يضخم العجز ويضعف وتيرة الإنجاز.

وكذلك الأخطاء الجسيمة من وزارات الدولة في تقدير مشاريعها، (مثال وزارة الصحة) أخطأت بتقدير إيرادات الضمان الصحي للوافدين وتم تسجيله 110 آلاف دينار، وهي في الحقيقة 110 ملايين دينار في الموازنة 2021/2022 وتم ذكرها في تقرير ديوان المحاسبة.

ومن الواضح عجز الحكومة في تحصيل إيراداتها من الشركات والأفراد البالغة 2.2 مليار دينار، وكذلك من الشركات التي تماطل في دفع الضرائب لمدة تزيد على 10 سنوات.

ولا يمكننا الالتفات عن عدم الجدية في الالتفات إلى تحصيل الغرامات الجزائية على الشركات المتعثرة من تنفيذ المناقصات الحكومية.

لذلك نحن في الجمعية الاقتصادية الكويتية نؤكد أن أولى مراحل الإصلاح الشامل هي وجود إرادة سياسية جادة تعزز ثقة الشعب في الحكومة ومن ثم تهيئة المجتمع لأي إجراء إصلاحي في المستقبل كما فصلنا في رؤية الجمعية في «أولويات الإصلاح الشامل في الاقتصاد الكويتي»، وأن يرتكز الإصلاح اليوم على أمر واحد أساسي وهو الإصلاح المؤسسي كي تتمكن الحكومة من الوصول إلى الإصلاحات الأخرى.

وتؤكد الجمعية أن أي إصلاح يبدأ من مس جيب المواطن إصلاح ساقط اقتصاديا قبل أن يسقط شعبيا، فالهدر المالي في الميزانية من الواجب ضبطه قبل التفكير بفرض ضرائب، ومحاربة الفساد وتقليل التكلفة الباهظة والمصاحبة له كذلك على رأس سلم الأولويات.

كما أنه من الضروري دراسة الآثار الاقتصادية المترتبة على أي قرار قبل اتخاذه.

وختاما، أكدت الجمعية الاقتصادية أنها مؤسسة مجتمع مدني منتخبة تهدف إلى المساهمة الفاعلة ونشر الوعي وتقديم مبادرات بغرض خدمة الصالح العام ولا مصلحة لنا سوى الارتقاء بتنافسية وشفافية الاقتصاد الكويت، وكذلك نطمح لأن نساهم ولو بشيء بسيط بتطوير بيئة الأعمال والارتقاء بتنافسية وشفافية الاقتصاد الكويتي.

المصدر

Exit mobile version